الخبراء في PAFIX: المنظومة الجديدة ستقضي على 15 مليون زيارة للبنوك سنويًا وستطلق أكبر عملية شمول مالي
شهدت جلسة "ما بعد الفروع: الهوية الرقمية EKYC كبوابة أساسية للتحول نحو البنك الرقمي أولًا" ضمن فعاليات معرض PAFIX على هامش Cairo ICT 2025، مناقشات موسعة حول الدور المحوري للهوية الرقمية في تغيير شكل الخدمات المصرفية في مصر، من خلال إتاحة فتح الحسابات وتنفيذ الخدمات المالية إلكترونيًا دون الحاجة لزيارة الفروع.
وأجمع المتحدثون على أن تطبيق EKYC يمثل نقطة انطلاق أكبر عملية شمول مالي تشهدها البلاد خلال السنوات المقبلة.
أدار الجلسة محمد الصبان، رئيس الابتكار والمشروعات الاستراتيجية ببنك مصر، بمشاركة تامر جادالله، الرئيس التنفيذي لشركة Digital Financial Identity، وداليا سويلم، مدير بنك QNB الرقمي، ومعتز متولي، رئيس قطاع التجزئة والمدفوعات الرقمية ببنك مصر، وأسامة عباس، نائب رئيس قطاع التكنولوجيا المالية بشركة e& مصر.
وأكد المتحدثون أن مصر تدخل رسميًا مرحلة جديدة من العمل المصرفي، تقوم على السرعة والتكنولوجيا والشمول المالي، بما يمهّد لثورة مالية رقمية ستكون الأكبر في تاريخ القطاع المصرفي المصري.
نقطة تحول تاريخية
أكد محمد الصبان أن مصر تمر بمرحلة تحول رقمي ضخمة، مشيرًا إلى أن الهوية الرقمية ستكون نقطة تحول تاريخية شبيهة ببداية التحويلات اللحظية من خلال تطبيق "إنستاباي".
وقال إن مصر بدأت رحلتها الرقمية منذ تسعينات القرن الماضي، مؤكدًا أن ما نشهده اليوم يمثل نقطة تحول غير مسبوقة في تاريخ القطاع المالي. وأوضح أن معاملات “إنستاباي” تجاوزت حاجز 3 تريليونات جنيه، ومن المتوقع أن ترتفع إلى نحو 5 تريليونات جنيه خلال عام 2025، لافتًا إلى أن الهوية الرقمية ستقود تحولًا أكبر وأعمق في المنظومة المصرفية خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن الهوية الرقمية ستسمح للمواطن بفتح حساب وتنفيذ خدمات مالية كاملة من خلال الهاتف فقط. وأضاف الصبان أن العميل لن يضطر بعد اليوم للذهاب إلى أي فرع بنكي لإتمام معاملاته، مشيرًا إلى أن ما يحدث حاليًا يمثل بداية تغيير جوهري في شكل الخدمات المصرفية، سيظل الجميع يتذكر أنه انطلق من هذه اللحظة.
تأمين البيانات ركيزة أساسية
استعرض تامر جادالله التطور القانوني والتقني للهوية الرقمية في مصر، مؤكدًا أن حماية بيانات المواطن هي الركيزة الأساسية لهذه المنظومة.
وقال جادالله إن أهم عنصر في الهوية الرقمية هو تأمين بيانات المواطن، وإذا تم تأمين بيانات القطاع المصرفي، يمكن تأمين بيانات أي قطاع في الدولة. وأوضح أن قانون البنك المركزي لعام 2020 وضع لأول مرة الأساس القانوني للاعتماد على الهوية الرقمية بدلاً من التوقيع الحي.
وكشف عن أن العميل سيتمكن من إدخال بياناته وتصوير بطاقته والتقاط صورة ذاتية عبر التطبيق، ثم مطابقة البيانات مع السجلات الرسمية وفتح الحساب فورًا دون تدخل بشري.
وقال جادالله إن تطبيق الهوية الرقمية EKYC سيقضي على أكثر من 15 مليون زيارة للفروع سنويًا كانت تُخصص لتحديث البيانات، موضحًا أن هذا التطور سيحدث تغييرًا جذريًا في خريطة الشمول المالي داخل السوق المصري.
بنوك رقمية في 3 دقائق
قالت داليا سويلم إن الهوية الرقمية هي الأساس لأي بنك رقمي، موضحة أن دورة فتح الحساب التي كانت تستغرق ساعة ستصبح 3 دقائق فقط بعد تطبيق EKYC.
وأضافت سويلم أن إطلاق الهوية الرقمية يُعد شرطًا أساسيًا لعمل أي بنك رقمي، مؤكدة أنه لا يمكن بناء منظومة مصرفية رقمية دون تفعيل كامل لعمليات التسجيل الرقمي (Digital Onboarding)، التي تعتمد عليها جميع الرحلات الرقمية التي يجري تطويرها حاليًا.
وأوضحت أن بنك QNB شرع بالفعل في تطبيق نموذج «البنك بدون فروع»، وذلك عبر فرق ميدانية تنتقل إلى العملاء بدلاً من إلزامهم بزيارة الفروع.
أكدت أن تفعيل الهوية الرقمية EKYC سيمثل نقلة نوعية في عدة مسارات، أبرزها التوسع في استهداف الشباب والجيل Z، والوصول إلى المناطق غير المغطاة بشبكة الفروع، وزيادة معدلات الشمول المالي، إلى جانب تمكين البنك من إطلاق منتجات جديدة مثل خدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا (BNPL) والتمويلات المتناهية الصغر اللحظية (Nano Loans).
وأضافت سويلم أن تطبيق الهوية الرقمية EKYC سيتيح إطلاق منتجات مصرفية جديدة كان من المستحيل تنفيذها في الوقت الحالي، لافتة إلى أن هذه الخدمات ستتحول إلى واقع فعلي خلال الأشهر القليلة المقبلة.
تسهيل خدمات التجار والائتمان
أكد معتز متولي أن بنك مصر يضع تعميم استخدام الهوية الرقمية على رأس أولوياته، بهدف تبسيط إجراءات الحصول على الخدمات المصرفية دون أي عبء على العملاء.
قال إن العميل الذي يعمل بنظام اليوميات لا يستطيع ترك عمله للذهاب إلى الفرع، مضيفا: «كل ما يحتاجه هذا العميل هو هاتفه المحمول لإجراء عملية EKYC والحصول على الخدمة فورًا».
وأضاف متولي أن الهوية الرقمية ستحدث تحولًا جوهريًا في خدمات التجار، موضحًا أن إجراءات التسجيل والربط ستصبح لحظية تقريبًا، حيث سيتمكن التاجر من الحصول على جهاز الـ Soft POS خلال عشر دقائق فقط، وهو ما سيسهم في إدخال آلاف التجار الجدد إلى منظومة الاقتصاد الرسمي.
وفيما يتعلق بالائتمان، أوضح متولي أن تطبيق الهوية الرقمية EKYC سيتيح للبنوك الوصول إلى بيانات أكثر عمقًا ودقة، ما يعزز جودة قرارات الإقراض.
أكد أن المنظومة الجديدة ستمكن البنوك من خدمة شرائح لم يكن من الممكن إدراجها سابقًا ضمن منظومة الائتمان، مع منح العملاء المستحقين حدودًا ائتمانية أعلى تتوافق مع قدراتهم الفعلية.
ديمقراطية رقمية مالية
وأوضح أسامة عباس أن تطبيق الهوية الرقمية سيمنح شركات الاتصالات مساحة أوسع لتقديم خدمات مالية متقدمة، عبر تمكينها من الوصول إلى شرائح أكبر من العملاء وتقديم حلول رقمية متكاملة تدعم الشمول المالي.
وقال عباس إن منظومة الهوية الرقمية ستسهم في "دمقرطة الوصول" إلى الخدمات المالية، موضحًا أن ملايين من عملاء شركات الاتصالات سيصبحون مؤهلين للحصول على خدمات مالية أكثر تطورًا بفضل سهولة التحقق الرقمي وسرعته.
وأشار عباس إلى أن تطبيق منظومة EKYC سيعزز المنافسة بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية وشركات الاتصالات، وهو ما سينعكس بصورة مباشرة على تحسين جودة الخدمات وتوسيع الخيارات المطروحة أمام العملاء.